Thursday, June 14, 2007

! رجفات قلم


هل مررت يوماً ما في طريق ذهابك وإيابك بمطار مدينتك ؛ لتتأمل لحظات الوداع واللقاء وما فيها من عواطف إنسانية مختلفة ؟ .. فهذا يتهلف في انتظار حبيب وتترقرق عيناه وتلمعان جذلاً وابتهاجاً، وهذا يبكي فراقه .. ولعل حرقته وحزنه تشعرك أنه يودعه وداعاً أبدياً لتنهال شلالات الدموع الحارقة متوجة ذلك المشهد الإنساني بفيض من المشاعر الرقيقة الجياشة . في كلا الحالتين دموعٌ معبرة ! أحضانٌ وحنين ، كلماتٌ تلامس القلوب فتؤنسها ، ونظراتٌ تحدِّث الروح بعظم مكانتها حتى تشعرها أنها وطنٌ لذلك الحبيب المودَع والمستقبَل ، فتشعر أنت أيها المتأمل أنك في جنة للأرواح الطيبة والكلمات الصادقة والمشاعر المتأججة ، فتتعجب من حولك وتتسائل أين يعيش هؤلاء في دنيانا ؟ أم أننا نعاشرأناساً آخرين غيرهم ؟! وأين نعيش نحن من هؤلاء ؟ فتجيبك الحقيقة .. بلى ، هم من نعاشر ونخالط ، ونختلف معهم ونتفق ، ونصالحهم فيصدون، يتوددون إلينا فنجافيهم . وكأننا جميعاً غير البشر الذين يلتقون عند أروقة المطارات مودعين ومستقبلين ، أم أننا نشحذ عواطفنا للحظات نحتاجها فقط ثم ننسى في خضم زحمة الحياة أننا نحمل بين جوانحنا قلوباً نابضة لأحبائها ؟! قد تضيع في زحمة الطريق وتسارع الناس أوراقاً وحقائب ومقتنيات ننساها سهواً منا ، ولكن أن تضيع سهواً مشاعرنا .. !لعلها عولمة المشاعر وحداثتها يفرض علينا نوعاً من التواصل يتماشى مع الصورة الكلية للحضارة المزعومة والتقنية المستوردة ، وبما أننا مقلدون لا نتقن صنع شيء ، وبما أننا لا نتقن إلا عواطفنا طورناها بشكل يجعلنا مبدعين بجدارة ! .ثم تكثر أخطاء ما أبدعنا ؛ فنسارع بإلقاء أخطائنا على عبارات تهترأت وبكت حتى اشتكت من كثرة ما جئنا ورحنا عليها متعللين بها نتوارى من عجزنا وضعفنا ... اليوم وهو واقفٌ فى أروقة المطار مودعاً لحبيبه يبكي فراقه تسعفه كلمات ورثها ليوظفها - هنا - وينعي بها نفسه قائلا : إنما الهوى من النوى ، فيجهش بالبكاء وتزداد درجة حرارة جسده المنهك ارتفاعاً ، واضطراداً ترتفع معها مؤشرات مشاعره إلى أوجها، فلا تكفيه عبارته السابقة رثاءاً له وتعبيراً عما يختلج في صدره ، فيسارع في البحث عن موروثٍ آخر يفجر المشاعر ويأججها قائلاً : بل إنما البعد يزيد القلب ولوعاً . فترثي لحاله ظناً منك أنه لن يطيق الفراق أكثر من سويعات ! .وهو نفس الشخص تلقاه بمحض الصدفة وسط زحام الحياة راكضاً وراء ذلك الشيء الذي هو لا شيء فتستوقفه في لحظة( متعجلة ) حين يرتطم الوجه بالوجه والصوت بالصوت لتسأله كيف أصبح حاله بعد ذلك اليوم العصيب ؟ فتراه ينظر إليك متعجباً وفي عينيه حيرة قد تسبب فيها سؤالك المبهم ؟ فتوضح له قائلاً : يوم المطار .. فيقاطعك ضاحكاً على خفة دمك المعهودة ومبالغاتك الظريفة قائلاً لك : إنما البعد جفاء ! ، والبعيد عن العين بعيدٌ عن البال ! ... حتى ينتهي بعباراتٍ دعائيةٍ يذيل بها كلامه عن مودِعه من باب الوفاء لذلك الحبيب الغائب ! ثم يلوح لك مكملاً جريه المارثوني نحو أعباء الحياة اليومية ، و تجري الأيام ويجري معها .. حتى يصلا معا ًإلى لحظة عودة ذلك الحبيب الغائب ( المنسي ) فيجترأ الذكريات ، ويسترجع الأحداث ، و يستعييرالمآقي الدامعة ، ويرتدي عواطفه من خزائنه ، آملاً أن يكون المستقبِل أكثر صدقاً ولهفة من الآخر المودِع ! ... فطواحين الحياة وكثرة الأعباء وجفاء القلوب قد ينعشها لحظات إنسانية خاطفة عاشت من جديد .. ورودٌ وابتسامات ، وحفاوة وترحاب تنتظر ذلك الغائب المنسي فنتذكر وقتها أننا بشرٌ غير البشر الذين استنسختهم ،متطلبات الحياة العصرية حتى أصبحنا عبيداً من نوع خاص في صورة أحرارٍ يبتسمون للتقنيات ، ويركبون الحضارة ويحسنون طرح العواطف وارتداء المعاطف ، ويعبدون كل ما هو مخمل وحرير ودينار

وللغائب العائد لا تنسى بعد الترحاب وواجب الضيافة العربي ! أن تزور - أنت وهداياك - يوماً وتدع أياماً طوال

وتذكر.. غب وزر غباً تزد حباً * فمن أكثر الترداد أضناه الملل



.. ودُمتم

2 Comments:

Anonymous Anonymous said...

eh bas el falsafaa deee bas mawdoo3 gamed bas a5er gomla mesh fahemhaaa bas heya dee el 7ayah zay ma gasdteeha belzabt bas 3la ferka ana shayef en el ensan momken yekoon faker sa7boo dah el wad3oo 3latool bas el far2 enno aw2at beystrga3 el howa fakroo dah wee aw2at beyb2a malhee fee el donya fa mesh beystrge3 laken howa fakroo

Tuesday, June 19, 2007  
Anonymous Anonymous said...

احيانا يشمك بقصدنا بنبعد الحنين والذكريات عشان لو فضلت الصورة متعلقة طول الوقت مش هنعرف نعيش.. بنعمل نفسنا مش واخدين بالنا ونحاول نشغل نفسنا بأي حاجة.. زي العيان الي بياخد دوا يخليه ينام وميحسش بالألم..

ربنا معانا يارب ويقرب كل بعيد وميحرمش حد من حبيبه آآآمين

Sunday, July 01, 2007  

Post a Comment

<< Home