Friday, March 09, 2007

! فلسفة المصائب

قد تشعر فى يوم ما أن هناك لحظة خوف من مجهول ما تنتظرها .. تعلم بقدومها كمسافر ترقب مجيئه يوماً ما ، هو لن يخبرك بموعده ويعرفك بذاته ؛ لأنك ستعلم بقدومه من تلقاء نفسك حين تشعر ببرودة جسمك ،وارتعاد فرائصك ،وتيبس مفاصلك ،وانحباس عبراتك حتى تكاد تخنقك حشرجات صوتك المسجون فى جوفك ،ودقات قلبك التى للحظة توقفت! فتعلم حينها أنك في موعد مع المجهول المرتقب !ومهما كان متأنقاً في قدومه منبسط الوجه ، تبقى انبعاث رائحة الفاجعة تفوح منه حتى تكاد أن تغثيك .أعلم أن وقوفي صامدة ، ثابتة القدمين بدون أن يختل توازني ، أو تنطلق صرخات قلبي مدوية فى الأرجاء حدثاً بطولياً لا أستحق وسام شرفه ولكنها الفاجعة التي تخرس ألسنه المحدثيين ، وتذهب ألباب العقلاء ، حتى لايبقى أمامك سوى الرضا وتقبل قضاء الله وقدره كطريقٍ آمن للنجاة ؛ فيعظم لك أجراً ويغفر لك ذنباً ، ويخفف عنك مصابك بإنزال الصبر ؛ ليثبت قدميك فوق الأرض حاملة جسدك المنهك من الإعياء كما الفارس الشجاع تراه واقفاً في ساحة الوغى يرحب بضربات السيف ورميات القوس وطعنات الخنجر رابط الجأش مبتهجاً جذلاً بدماءه التي تزفه إلى عرسه السماوي !.هي الطاقة الإيمانية تشحذ عقولنا وأرواحنا وأجسادنا وتعبئنا تعبئة كاملة لتقبل أقدار الله برضا وصبر فعجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، كما أخبرنا رسولنا الحبيب عليه السلام حيث قال " عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابه ما يحب حمد الله وكان له خير وإن أصابه ما يكره فصبر كان له خير وليس كل أحد أمره كله له خير إلا المؤمن ".يقال أن توقع الشيء أمرٌ وحدوثه أمرٌ آخر ،وأرى أن حدوثه في ظل رحمة الله ورعايته أهون بكثير من انتظاره محاطاً بوساوس وتخيلاتٍ من كل ما هو مرعبٌ ومخيفٌ ومظلم .. ولك أن تلاحظ الفرق !.ففي لحظاتٍ قد نبدو أهون من ورقة خريفٍ أنهكتها فصول السنة المتعاقبة ، ولعلها نفس اللحظات بنفحات إيمانية نبدو معها أصلب من سيف صقيل !.هي قوانين الله في أرضه تشرع لنا النموذج الأمثل للحياة فمن رضى وعمل فاز وأفلح ، ومن سخط وعصى خاب وخسر ، - فاجعلنا يا الله ممن رضوا بقضائك وعملوا لمرضاتك -نعم نشتاق ( الآن ) بعد الاندمال الجزئي للجروح الغائرة في قلوبنا وأرواحنا ، ونرتجف للذكرى ، وتدمع مآقلنا ، وترحل قلوبنا مع أيامٍ تحمل في طياتها أحبةً وأمكنةً ، و روائحَ مسكٍ وعنبر ، وكلماتٍ قيلت من ذهب ، ولمسات حانية ، وابتسامات تخبرك بالحب ، وتعرفك على معنى الأمن والأمان ، وهمسات قلب ٍ تشعرك بمقدار أهميتك عنده ؛ حتى تكاد تصدق أنك أمير ذلك القلب ومالكه ، والحقيقة أنه هو آسرك بحنانه وحبه وعطفه وعطاءه الجزل ، وساحرك بنبضاته التي تسمعك أعذب ألحان الحياة ؛ فتلمع عينيك وتضحك كطفلٍ هدهدته ملائكة الله فيتعجب من حولك فى فضولٍ حين لا يعلمون أنك قد أطلقت قلبك وعقلك وروحك في رحلة لا تعرف الحدود مع حبيبٍ تخلد روحه الطيبة بين أرواح عباد الله الصالحين ، وتسرح في جنان الله والنعيم ..رحمك الله يا والدي ! ، وجعلك فى قربى من رسوله الكريم ، وبشرك بروح وريجان وجنة نعيم وربٌ راضٍ غير غضبان وجمعني بك في جنات النعيم . آمين
25-1-07

3 Comments:

Blogger عبدالله جاد فودة said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفكار رقراقة بقلم نوراني بارك الله فيكم

Sunday, April 22, 2007  
Blogger اليشمك said...

أشكر لك مرورك وكلماتك .. دعواتكم لوالدي بالرحمة والمفغرة . آمين

Thursday, April 26, 2007  
Anonymous Anonymous said...

ربنا يرحمه ويغفرله ويجعله من أهل الجنة ياااااااااارب
زمان كانوا بيقولوا في الأمثال "الي خلف مامتش" فما بالك بئه ماشاء الله مخلف مين؟؟

بإذن الله حسه مستمر في الدنيا بعملكم ودعائكم الصالح.. وكلها يومين وكلنا نروح هناك.. الي هناك سعدا.. احنا الي ياعالم هيتختملنا بإيه..

ربنا يربط على قلبك كما ربط على قلب أم موسى ويكتبكم جميعا من الصابرين الراضين بقضاء الله وحكمته..

تحية من القلب

Sunday, July 01, 2007  

Post a Comment

<< Home