Thursday, February 09, 2006

الشهادة .. دراسة منهجية ، أم حماسة ثورية؟

في ذاكرة التاريخ الإسلامي صفحات مشرقة بالانتصارات والملاحم ، والخطط الحربية الرائعة التي سجلها التاريخ شاهداً على أبطالها.. من حفر الخنادق إلى بناء الحصون واستخدام المجانيق حتى كان آخرها الجسر الذي بُسط على ظهر

)القناة لتعبر الدبابات البحرية ... أو إن شئت فاقرأ روعة التخطيط الحربي للقائد الإسلامي العظيم السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية) الذي صدق فيه حديث رسول الله عليه السلام " لتفتحن القسطنطينية ، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش " قرأت في كتاب الله جل وعلا " وجاهدوا في الله حق جهاده" وأحفظ قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه " علموا أولادكم السباحة و الرمي والفروسية "جميعها أقوال ومواقف بطولية أفهم منها وأعي الركن الأساسي الذي تقوم عليه الجيوش الإسلامية حين أقرأ قول الله " واعِدُّوا لهم ما اسْتَطَعتم من قوُّةٍ ومن رِباطِ الخَيلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ"لم أقرأ على مر ( التاريخ ) أن قائداً سياسياً محنك يقول لجيشه حي على موت بلا هدف ! ولكن حي على جهاد مقدس فإما شهادة وإما فوز، دائماً ما كنت أبهر لحنكة القواد العرب وحسن تدبيرهم وتخطيطهم ، وإثارة الجيوش وغرس روح المغامرة والشجاعة والإقدام في قلوبهم ثم كانت الفجوة (الثقافية ) بين ذلك العصر وهذا العصرالحداثي ...لا أدري أهي روح المغامرة والاندفاع أم سأم الحياة وما يشوبها من مثبطات أم هو الفهم الخاطي ؟؟أنا أعزوها للفهم الخاطيء للنصوص الدينية ، والقراءة الخاطئة للتاريخ الإسلامي لا أرى وجه اتفاق بين جيوش إسلامية فهمت معنى الجهاد فخططت ودربت جنودها وهيأتهم للنزال وأسباب النجاح وبين محاولات فردية أو جماعية مشوشة لم تعي ماهية الجهاد فبعدت عن التخطيط الحربي السليم أو قل التخطيط الجماعي الذي يفتقر للتدريب والأسلحة والمال والعدة والعتاد والأهم من ذلك من نجاهد .. ؟!! ألسنا نعلم علم اليقين أن الله يحب إذا عمل أحدهم عملاً أن يتقنه .. كيف إذا كان هذا العمل جهاد من أجل هذا الدين ؟! للأسف ما أراه اليوم إنما هي ( تعصبات ونعرات طائفية ) لا تخطيط لا وعي ثقافي ولا ديني ولا سياسي ولا حربي !! - تعصبات طائفية يشرعونها بدعوى أنها جهاد ؟ أنا لا أقلل من قيمة الشهادة االتي اختص بها الله من اصطفاهم إليها - وأتعجب كيف أصبح فهم النصوص الدينية ضحلاً ؟! والمنظور الإسلامي ضيقاً ! هل فرض الله علينا الجهاد لنقاتل .. وننتصرلأهدافٍ تخدم شرائع الدين ، أم لنُقتل - بأيدي بعضنا - بلا هدف شرعي ؟؟ هل فٌرض علينا لنقيم دعائم دولة الإسلامية ، ويعبد الله في أرضه ، أم لتُبنى دولة شعبها بائد؟أهي الشهادة وسيلة أم غاية في حد ذاتها .. ؟ في تاريخنا الإسلامي.. تقرأ العيون سطوراً مضيئة ومشرقة بالنصر والقوة و الملاحم ، فصحابة رسول الله مثلاً يقاتلون - أعداء الله - حتى آخر رمق ، يقاتلون قتال الشجعان يدخلون المعركة بسيوف مصقولة، ورماح أقواسها مشدودة ، أمامهم هدف سامي وهو النصرة لله ورسوله ليعبد الله في أرضه وينجلي عهد الظلام ، لا يضعون أسلحتهم حتى عند الصلاة !. فالشهادة لا تأتي بالتمني ولا بإلقاء النفس في التهلكة ، الشهادة قيمة عظيمة ومقدسة – للأسف – أساء الكثيرون فهمها ، وأساؤوا أكثر لفهم ماهية الشهادة . كيف نجاهد بدون دراسة أيديولوجية ، بدون أن نُهيء أنفسنا معنوياً ومادياً وسياسياً وفكرياً ... ؟ بدون تعبئة فردية وجماعية ؟ بدون تحديد من المستهدف الحقيقي من جهادنا ؟ كيف يقاتل من لا يتقن حمل السلاح !! كيف يقاتل من لم يشب على الجهاد صغيراً حتى يصبح فارساً عظيماً .. أم هل صناعة الفرسان يحققها التمني ، أو ساعة يوم ؟ . هي الشهادة جائزة من يقاتل ويحسن القتال، من يدبر ويخطط ثم ينفذ ، و من يرمي ويسدد . النصروالسلام يحقق على أسنة السيوف والرماح ، والسيوف والرماح لا يحملها من عجز عن فهم ماهية الشهادة العظمى ، وما هية الغاية الحقيقة من الدعوى للجهاد . علمي أن الشهادة جائزة من جاهد لتكون كلمة الله هي العليا ، انظروا إلى العمليات الاستشهادية في فلسطين .. إنما هي الشهادة الســـامية ، لأنهم شبوا وطعموا النزال وفنونه أعدوا له العدة حتى حصلوا على الشهادة العليا . لنبحث عن مفهوم القتال الذي فرضه الله علينا لتعلو كلمته ويصدع الكون بصوت الحق ؟ ولنسأل أنفسنا هل الشهادة بداية المطاف ؟؟ أم نهاية المطاف .. لن يتحقق نصر أكيد بدون تعبئة إيمانية وجسدية ومالية وثقافية ..، بدون قتال وجهاد وبذل الجهد والنفس بدون رقاع الأقلام المدببة! وألسنة الرجال التي لا تحيد !الذي يعيه عقلي- البسيط – من النصوص القرآنية ، أن الله تعالى دعانا للجهاد من أجل غايات سامية.. من أجل إعمار الدنيا بدين الله ، ثم قال " يا أيها الذين ءامنوا خذوا حذركم " ، ولأن النفس جُبلت على بغض الموت والركون لحب الدنيا كان التحفيز الإلهي لعباده الذين قاتلوا في سبيله فقتلوا بالجوائز الربانية العظيمة ، أنا لست ضد فكرة الإقدام على الموت ما دام في سبيل الله ولله .. ومن يخوض المعركة ألا يخوضها بكل روحه وجسده في لحظه ينسى فيها الدنيا ولا يظن أنه عائدٌ إليها ، بل ولا يتمنى ذلك ! أليس كل من أقدم على الموت في سبيل الله ... كان موته حياة .. حياة لدينه ، لعقيدته ، حياة عز لكل المباديء التي اعتنقها ؟ لكن أن تتحول الشهادة لهدف أوحد بغض النظر عن الطريقة التي غُلفت بها فيسيء استخدام الوسيلة المؤدية لغايته .. فالغاية - الشهادة - تبرر الوسيلة كيفما كانت ! ، أنا لا أبحث عن أي موت بل شهادة تحقق نصراً للأمة لا موت كل غاية صاحبه درجات الشهيد بغض النظر عن الوسيلة فليقتل أخاه إن شاء ! ، ولعله يسلك طريقاً أبعد عن الجهاد الحقيقي أو وسيلة لا توهب حياة حقيقية لما يعتنق وإنما لعلها قد تسيء كثيراً لما يعتقد أنه يعتنق ! ألا تتفقون معي أن النصر لدين الله وقتل أعداء الله هو غاية الجهاد سواء أسفر عن فوز أو شهادة فكلاهما نصر ، حيث حمل سلاحه ليشهره في وجه أعداء الله أومن طوق خاصره بالقنابل ليفدي بكل خلية دينه وعقيدته .. أما من يتحدثون عن الشهادة ويطلبونها بطرق أخرى قد لا تفهم ما الغاية المنشودة منها ؟ فهل هذه هي الشهادة التي يدعو إليها ديننا؟! أحداث الحادي عشر من سبتمبر- إن صح نسبتها لحركة طالبان - بغض النظر عن اتجاه الحركة أنا أتحدث عن العملية ، العرس الأردني وفنادق عمان الثلاثة(راديسون- حياة - دايز إن ) التي خلفت سبعاً وخمسين قتيلاً وقرابة المائة جريح غالبيتهم من الأردنيين! ، في مصر : تفجيرات شرم الشيخ ، قتل السياح بعمليات تفجيرية من قبل جماعات إسلامية في أوائل التسعينات ، في الشيشان : فرقة الأرامل السوداء - والتي تباهى بها القائد الشيشاني شامل باساييف - وهن نساء متمنطقات بأحزمة ناسفة ومنقبات بالسواد - قاموا بحصارمسرح موسكو ، أيضاً مذبحة بيسلان ، العراق والفتنة الطائفية بين السنة والشيعة وما خلفت من مذابح دموية .. وهلمَّ جراً أ ليس الإسلام بريئاً من كل ذلك ؟!أ لم نقرأ قوله تعالى " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " هذا في حق غير المسلمين المسالمين ، فكيف إن كانوا مسلمين ؟ ! ما ذنب أطفال مذبحة بيسلان ؟ ماذنب الأعزل في وطنه ؟ أليست لاتزر وازرة وزر أخرى منهج رباني؟ بل أي غاية تبرر قتل مسلم كان حتماً متواجداً في إحدى فنادق الأردن أو في شرم الشيخ ؟ أم ما الغاية من قتل مسلم جريرته أنه سني أو شيعي ؟ أ هذا هو العدو الحقيقي ؟ .. ألم يسيء ذلك للدين ، أم خدم القضية ..؟ أين الحرب والمعركة في كل ذلك ؟ أين الفهم لماهية الجهاد ؟ أين حسن التخطيط والتنفيذ ؟ أين .. أين .. ؟ أم أننا أصبحنا ولا نعرف عدونا الحقيقي القابع في أرض فلسطين يأكل من زيتونها ؟! أو ذلك الآخر الذي افترش العراق أرضاً له والتحف سماءها سقفاً له ؟! . وجهوا الطاقات والأجيال ليعرفوا من عدوهم الحقيقي ويعدوا له العدة ، ولا تجنحوا للسلم مع أعداءٍ لم يكفوا أيديهم عنا لنكف أيدينا عنهم. لا تتركوا الأجيال حائرة ، غير مسلحين بوعي ديني كافٍ وعقيدة واضحة لنُعِد قراءة الأوراق، ونُعبِّيء أنفسنا لدراسة منهجية للثقافة الجهادية ، ونوجه فكرنا للجهاد والجهاد ، فإن منحنا الله النصر والتمكين في الأرض .. تحققت الغاية من الوجود البشري على الأرض ومن الجهاد ألا وهي : عبادة الله في أرضه ، وإن رزقنا الله الشهادة .. فرحت الأرض بسقيا دماء الشهداء وفرحت السماء بزفاف الشهداء
.. ودُمتم

0 Comments:

Post a Comment

<< Home